اسرائيل تقتل الجميع

[url=https://dahsa.ahlamontada.com/javascript:display_mm('/files/image/مجمع-الوزارات-بغ_1412_769.jpg','images', 'jpg', escape('مجمع الوزارات بعد قصفه'));][/url]
مجمع الوزارات بعد قصفه

أما أم محمد التي معلمة في إحدى المدارس الخاصة في غزة فترى أن حجم القتل الذي تنفذه اسرائيل لا تتضرر منه حماس فقط بل الناس العاديون، مشيرة إلى أن أعدادا كبيرة من الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية هم موظفون بسطاء يعملون في مؤسسات حماس من أجل لقمة العيش دون الانتماء إليها.

وتساءلت "ماذنب عائلة بعلوشة التي قتلت فيها خمسة شقيقات وجميعهن أطفال عندما قصف مسجد في مخيم جباليا، واسرائيل تعرف ان المخيم مكتظ بمدنيين" .. موضحة ان بعض التحفظات كانت لها على حركة حماس سابقا، ولكن عندما يطال القتل الآن كل الشعب الفلسطيني فهذا يعني أننا جميعا مستهدفون ولا مجال لمعارضة حماس في هذه اللحظات، بل نحن نتمنى من الله أن يحميها ويحمي كافة اطفال وشيوخ ونساء وأبناء الشعب الفلسطيني".

صهيب سليم الذي يدرس في الجامعة الإسلامية يقول إن اسرائيل قتلت بالأمس ستة من أصدقائه شمال مدينة غزة وكلهم من مؤيدي حركة فتح كانوا يركبون حافلة متوجهة إلى شمال القطاع. وتساءل "ما هو الذنب الذي اقترفوه؟..قد أكون انا المستهدف القادم فلم تعد اسرائيل تفرق بين أحد وباتت تستهدف الجميع".

وأبدى صهيب تأثرا بالغا وشديدا على استهداف اسرائيل لجامعته الإسلامية مشيرا إلى "أننا نفقد أصدقاءنا وإخوتنا وحتى مستقبلنا التعليمي والدراسي". وتابع "يبدو أن لاسرائيل خطة ممنهجة تسعى من خلالها إلى تجهيل الشعب الفلسطيني.. فالجامعة هي صرح علمي لجميع الفلسطينيين دون استثناء ولا مبرر لاستهدافها".

ويبدي أبو حازم الذي فضل تعريف نفسه بكنيته استغرابه الشديد من استهداف اسرائيل للمساجد، موضحا أن تدمير اسرائيل لستة مساجد حتى الآن يعني أن لا خطوط حمراء أمام اسرائيل وهذا يجعلنا نشعر بخوف شديد مما هو قادم، وما حدث لعائلة بعلوشة هو دليل كبير على حجم المأساة التي تواجه ا لفلسطينيين.

تدمير المساجد

[url=https://dahsa.ahlamontada.com/javascript:display_mm('/files/image/gaza-alshigfa-mosque-runis_1410_1879.jpg','images', 'jpg', escape('موقع تدمير مسجد الشفاء بغزة'));][/url]
موقع تدمير مسجد الشفاء بغزة

أما عائلة بعلوشة المنكوبة فيقع منزلها قرب مسجد "عماد عقل" في جباليا شمال قطاع غزة. وقد شنت اسرائيل غارة جوية أمس الأول استهدفت خلالها المسجد ما أدى الى انهيار جدرانه على منزل تلك العائلة موديا بحياة خمسة شقيقات تم دفنهن جميعا في مقبرة جماعية بناء على مشيئة والدتهن.

الأخت الوحيدة الناجية وهي طفلة لا يتجاوز عمرها العشرة أعوام تم انتشالها من تحت أنقاض المنزل قالت لــ"العربية.نت" انها كانت نائمة وجميع أسرتها عندما بدأت الغارات الجوية والقصف الوحشي يهز أركان المنزل.. مضيفة "بعد ذلك لم أر إلا غبار كثيف وألسنة لهب تتصاعد ودم وتراب وحجارة تتساقط على جسدي ليأتي بعد ذلك رجال الإسعاف لانتشالي من تحت الأنقاض". وتقول باكية "لم أرى شيئا أمامي وكل ما أذكره أنني ناديت على أخواتي ولم أتلق إجابة.. لم يرد علي أحد".

ويلقي الوضع الإنساني الكارثي بظلاله على مآساة غزة والتي كانت تعاني بشدة قبل العمليات العسكرية الإسرائيلية فيما تزداد المعاناة هذه الأيام لتضاف إليها عمليات القتل الممنهج والتدمير النفسي والمجتمعي للفلسطينيين.

ويطال التدهور في الأوضاع الفلسطينيية كافة الفلسطينيين بلا استثناء وقد يكون من المفيد أن أتحدث عن تجربتي الشخصية كمراسلة لــ"العربية.نت" وكأم في غزة لا تمتلك غازا للطبخ أو كهرباء، فيما ألاقي صعوبات كثيرة في شراء مواد غذائية لأطفالي.

ويبدو أن اسرائيل صادقة في تصريحات بعض قادتها عن إعادة غزة إلى العصر الحجري أو 60 عاما إلى الوراء، فأنا اليوم أبحث عن شراء "بابور جاز" مما كانت تستخدمه جدتي في الخمسينيات والستينيات.. فيما يندر وجود الحطب اللازم لإشعال النار لأن اسرائيل جرفت معظم بيارات غزة خلال الانتفاضة الثانية منذ عام 2000.

والمشكلة الخطيرة التي تواجهني هي عدم قدرتي على الحصول على سيولة نقدية لأن البنوك لا تملك تلك السيولة، ففي غزة من يملك دولار أو مليون دولار، كلهم سواسية في وجه القمع والقتل والخوف وقلة الموارد وانعدام الحاجات الأساسية.

وقود من الملابس القديمة
والمثير للاستغراب أن بعض العائلات الغزاوية باتت تحرق ملابسها القديمة لاستخدامها كوقود عوضا عن الحطب المفقود الآن في غزة، وإن وجد فبأثمان باهظة.

"سعاد" ربة منزل وأم لعشرة أطفال عادت كما تقول إلى العصر الحجري وإلى طريقة الطبخ التقليدية على نار الحطب. ولكن سعاد لا تستطيع أن توفر الحطب لأنه غير متوفر وإن وجد فقد ارتفع ثمنه حسب قولها.

وتضيف سعاد: "أحضرت ملابس أطفالي القديمة وأحرقتها وأشعلت النار حتى أتمكن من الطبخ. لم يكن أمامي طريقة أخرى حتى أطعم أطفالي.. كيف لي أن أطعمهم وأنا لا أملك غازا ولا حتى حطب لأشعل به النار؟".

وفيما يتعلق بالجانب الإنساني ونقص المواد الغذائية والتموينية في غزة، يقول عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي للأونروا إنه حتى قبل العمليات العسكرية الإسرائيلية كان إغلاق المعابر يجعل من المستحيل على الأونروا تنفيذ مهامها، لذلك اضطرت منظمته إلى تعليق توزيع المواد الغذائية لسبعمائة وخمسين ألف لاجئ، فيما يعتمد مائتا ألف مواطن آخرين على مساعدات برنامج الغذاء العالمي.

ويضيف أن سياسة التنقيط الإسرائيلة بالسماح لعدد قليل من الشاحنات بدخول غزة تجعل مهمتنا شبه مستحيلة أمام هذا الدمار الشامل والخوف والقتل الكبير في غزة.

وأوضح ان الأونروا تطالب بالوقف الفوري للقصف الممنهج والسماح لطواقمها ايصال المواد الأساسية للسكان وضمان سلامتهم، مشيرا إلى أن العدد الكبير من القتلى والجرحى من المدنيين يدحض مقولة اسرائيل أن القصف مركز على أهداف غير مدنية ويعزز القلق على سلامة السكان وامكانية ايصال مواد اساسية وحيوية لهم.